والاسم هو المُسمَّى وعَينُه وذاتُه، قال تعالى: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ﴾[مريم: 7] أخبر أنَّه اسمُه يحيى، ثم نادى الاسمَ فقال: {يَٰيَحۡيَىٰ﴾[مريم: 12]، وقال: {مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ
إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ﴾[يوسف: 40]، وأراد الأَشخاصَ المَعبودَةَ؛ لأنَّهم كانوا
يعبدون المُسَمَّيات، وقال: {سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾[الأعلى: 1]، {تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ﴾[الرحمن: 78]، قال: ثم يقال للتَّسمِية أيضًا: اسم،
واستِعمَالُه في التَّسمية أكثَرُ من استِعمَالِه في المُسمَّى.
ثم ذَكَر الشَّيخ رحمه الله بَقِيَّة أَقوالِهِم في هذا
الموضوع، ثم قال: قلتُ: لو اقتَصَروا على أنَّ أسماءَ الشَّيءِ إذا ذُكِرت في
الكَلامِ فالمُراد بها المُسمَّيات كما ذَكَروا في قوله: {يَٰيَحۡيَىٰ﴾[مَريَم: 12]
ونحو ذلك؛ لكان ذلك معنًى واضِحًا لا يُنازِعه فيه مَن فَهِمه، لكنْ لم يَقتَصِروا
على ذلك؛ ولهذا أنكر قولَهُم جُمهُورُ النَّاس من أهلِ السُّنَّة وغَيرِهم، لِمَا
في قَولِهم من الأُمورِ الباطِلَة، مِثلِ دَعْواهُم أنَّ لفظَ اسم الذي هو «ألف
وسين وميم» معناه ذاتُ الشَّيءِ ونَفْسُه، وأن الأسماء التي هي الأسماء مثل زيد
وعمرو هي التَّسمِيات ليست هي أسماء المُسمَّيات، وكلاهما باطل مُخالِف لِمَا يَعلَمُه
جَميعُ النِّاس من جَميعِ الأُمَم ولِمَا يقولونه؛ فإنَّهم يقولون: إنَّ زيدًا
وعمرًا ونحو ذلك هي أسماء الناس، والتَّسمِية: جَعْلُ الشَّيءِ اسمًا لغَيرِه،
والاسم هو القَولُ الدَّالُّ على المُسمَّى.
وأيضًا: فهم تكلَّفوا هذا التكلُّفَ ليقولوا: إنَّ اسم الله
غَيرُ مَخلُوق، ومُرادُهم أنَّ الله غَيرُ مَخلُوق، وهذا ممَّا لا تُنازِع فيه
الجَهمِيَّةُ والمُعتَزِلَةُ؛ فإنَّ أُولَئِك ما قالوا الأسماءُ مَخلُوقة إلاَّ
لمَّا قال هَؤُلاءِ: هي التَّسمِيات، فوافَقُوا الجَهمِيَّةَ والمُعتَزِلَةَ في
المعنى، ووافَقُوا أهلَ السُّنَّة في اللَّفظِ، ولكنْ أرادوا به ما لم يَسبِقْهم
أحدٌ إلى القول به من أنَّ لفظَ