وقوله: «آيَةُ
الإِْيمَانِ حُبُّ الأَْنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَْنْصَارِ» ([1]).
فإنَّ مَن عَلِم ما قامت به الأَنصارِ مِن نَصْر الله ورسولِهِ
من أوَّلِ الأمر، وكان مُحِبًّا لله ورسولِهِ أحبَّهم قطعًا؛ فيكون حبُّه لهم علامةً
الإِيمَان في قلبه، ومَن أَبغَضَهم لم يَكُن في قلبِه الإِيمَان الذي أوجبه الله
عليه.
وكَذلِكَ مَن لم يَكُن في قلبه بُغْضُ ما يُبْغِضُه الله ورسوله
من المنكر الذي حرَّمه الله ورسوله من الكُفرِ والفُسوقِ والعِصيانِ لم يَكُن في قَلْبِه
الإِيمَان الذي أوجبه الله عليه؛ فإن لم يَكُن مُبغِضًا لشيءٍ من المُحَرَّمات
أصلاً لم يكن إِيمَان أصلاً، وكَذلِكَ مَن لا يُحِبُّ لأخيه المُؤمنِ ما يُحِبُّ
لنَفْسِه لم يَكُن معه ما أوجبه الله عَلَيه من الإِيمَان؛ فحيث نَفَى الله
الإِيمَان عن شخصٍ فلا يكون إلاَّ لنقصِ ما يَجِبُ عَلَيه من الإِيمَان، ويكون من
المُعَرَّضين للوعيد ليس من المُستَحِقِّين للوعد المُطلَق.
وكَذلِكَ قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ([2])، و«مَنْ حَمَلَ
عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا» ([3])؛ كلُّه من هذا الباب؛ لا يقولُهُ إلاَّ لِمَن تَرَك ما
أوجب الله عليه، أو فَعَل ما حرَّمه الله ورسولُه؛ فيكون قد تَرَك من الإِيمَان
المَفرُوض عَلَيه ما يُنفَى عنه الاسمُ لأَجْلِه، فلا يكون من المؤمنين
المستحِقِّين للوعد السالِمِين من الوَعِيد.
وكَذلِكَ قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٤٧وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ ٤٨ وَإِن يَكُن لَّهُمُ ٱلۡحَقُّ يَأۡتُوٓاْ إِلَيۡهِ مُذۡعِنِينَ ٤٩ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
([1])أخرجه: البخاري رقم (17)، ومسلم رقم (74).