وقال: {وَلَا يَعۡصِينَكَ فِي مَعۡرُوفٖ﴾[الممتحنة: 12]، فقيَّد المعصية؛ ولهذا فسرت بالنِّياحة ([1])، قاله ابن عباس، ورُوي ذلك مرفوعًا، وكَذلِكَ قال زيد بن
أسلم: لا يَدْعون ويلاً ولا يَخْدِشْنَ وجهًا ولا يَنشُرْنَ شَعْرًا ولا
يَشْقُقْنَ ثوبًا.
ومن هذا الباب ظُلمُ النَّفْس فإنَّه إذا أُطلِق يتناول جَمِيعَ
الذُّنوب؛ فإنَّها ظلم من العبد لنَفْسِه، قال تعالى: {ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ
نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ ١٠٠ وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن
ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡۖ فَمَآ أَغۡنَتۡ عَنۡهُمۡ ءَالِهَتُهُمُ ٱلَّتِي
يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖ لَّمَّا جَآءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ وَمَا
زَادُوهُمۡ غَيۡرَ تَتۡبِيبٖ ١٠١﴾[هود: 100- 101].
وقال تعالى: {وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ
يَٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوٓاْ
إِلَىٰ بَارِئِكُمۡ فَٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ عِندَ
بَارِئِكُمۡ﴾[البقرة: 54].
وقال في قَتْل النَّفْس: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ
لِي﴾[القصص: 16].
وقالت بلقيس: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي
وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾[النمل: 44].
وقال آدم عليه السلام: {رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا
وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾[الأعراف: 23].
ثم قد يُقرَن ببَعضِ الذُّنوب، كقوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾[آل عمران: 135].
([1])انظر: صحيح مسلم رقم (537).