×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وأما لَفظُ الظُّلمِ المُطلَق فيَدخُل فيه الكُفرُ وسائِرُ الذنوب، قال تعالى: {ٱحۡشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٢٢مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡجَحِيمِ ٢٣وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡ‍ُٔولُونَ ٢٤[الصافات: 22- 24]، قال عمر بن الخطاب: «نُظَراؤُهم»، وكَذلِكَ قال قتادَةُ والكَلْبي: كلُّ مَن عَمِل بمِثلِ عَمَلِهم، فأَهلُ الخمر مع أهلِ الخمر، وأهلِ الزِّنا مع أهلِ الزنا، وعن الضَّحَّاك ومُقاتِل: قُرَناؤُهم من الشَّياطين، كلُّ كافِرٍ معه شَياطِينُه في سِلسِلة.

وهذا كقَولِه: {وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ[التكوير: 7]، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الفاجِرُ مع الفاجِرُ والصَّالِح مع الصَّالِح».

قال ابن عباس: «وذلك حِينَ يَكُون النَّاس أَزوَاجًا ثَلاثةً». وقال الحسن وقتادة: «أُلحِق كلُّ امرئٍ بشِيعَته؛ اليهوديُّ مع اليهود، والنَّصرانِيُّ مع النصارى».

وقال الرَّبِيع بن خُثَيم: «يُحشَر المرءُ مع صَاحِبِ عَمِلِه».

وهذا كما ثَبَت في الصَّحيح عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لما قيل له: الرُّجلُ يُحِبُّ القَومَ ولمَّا يِلْحَقْ بهم؟ قال: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» ([1]).

وقال: «الأَْرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» ([2]).

وقال: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» ([3]).

وزَوجُ الشيءِ: نَظِيرُه، وسُمِّي زوجًا لتَشابُه أَفرادِه، كقوله: {وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجِۢ بَهِيجٖ[ق: 7]، وقال: {وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5818)، ومسلم رقم (2641).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3336)، ومسلم رقم (2638).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (4833)، والترمذي رقم (2378)، وأحمد رقم (8028).