×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 تَذَكَّرُونَ[الذاريات: 49]، قال غير واحد من المفسرين: صِنْفَيْن ونَوْعَيْن مُخْتَلِفَيْن، السماء والأرض، والشمس والقمر، واللَّيل والنَّهار، والبَرِّ والبحر، والسَّهْل والجَبَل، والشِّتاء والصَّيف، والجِنِّ والإِنسِ، والكُفرِ والإِيمَان، والسَّعادَةِ والشَّقاوَة، والحقِّ والباطِلِ، والذَّكَر والأُنثَى، والنُّورِ والظُّلْمَة، والحُلْوِ والمُرِّ، وأشباه ذلك {لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ[النور: 27] فتَعلَمون أنَّ خالِقَ الأَزواجِ واحدٌ.

وليس المراد - يعنى بقوله: {وَأَزۡوَٰجَهُمۡ- أنَّه يُحشَر مَعَهم زَوجاتُهُم مطلقًا، فإنَّ المرأةَ الصَّالِحة قد يكون زوجُها فاجِرًا بل كافِرًا كامرَأَةِ فِرعَونَ، وكَذلِكَ الرَّجلُ الصَّالح قد تكون امرَأَتُه فاجِرة بل كافِرة كامرأة نُوحٍ ولُوطٍ، لكن إذا كانت المَرأةُ على دين زَوجِها دَخَلت في عُموم الأَزواجِ، ولهذا كان الحسن البصري يقول: «وأَزواجُهم المُشرِكات» فلا ريب أنَّ هَذِه الآية تناوَلَت الكفَّار كما دلَّ عَلَيه سِياق الآيةِ، وقد تقدَّم كلامُ المفسِّرين أنه يدخل فيها الزُّناة مع الزُّناة، وأهل الخمر مع أهل الخمر.

وكَذلِكَ الأثر المَروِيِّ: «إذا كان يومُ القيامة قيل: أين الظَّلَمة وأَعوانُهم أو قال: وأَشباهُهم؟ فيُجمَعون في تَوابِيتَ من نارٍ ثمَّ يُقذَف بهم في النَّار».

وقد قال غير واحد من السَّلَف: أَعوانُ الظَّلَمة مَن أَعانَهُم ولو أنَّه لاَقَ لهم دَواةً أو بَرَى لهم قلمًاز

ومنهم مَن كان يقول: بل مَن يَغسِل ثِيابَهُم مِن أَعوانِهِم، وأَعوانُهُم هم أَزواجُهُم المَذكُورون في الآية؛ فإنَّ المُعِين على البِرِّ والتَّقوى من أهلِ ذلك، والمُعين على الإِثمِ والعُدوانِ من أهل ذلك.


الشرح