×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

فقد ثَبَت في الصَّحيحِ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ! تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ! تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ! تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ!، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ!» ([1]).

وثبت في الصحيح أنه قال: «مَا مِن صَاحِبِ كَنْزٍ إلاَّ جُعِلَ له كَنزُه يومَ القِيامَةِ شُجاعًا أَقرَعَ يَفِرُّ مِنهُ وهو يَتبَعُه حتَّى يُطَوِّقَه فِي عُنُقِه»، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ[آل عمران: 180] ([2]).

يواصلُ الشيخ الكلام فيقول: وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الشِّرْكُ أَخْفَى فِيكُمْ مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ» ([3]) قال ابن عباس وأصحابه: كُفرٌ دون كُفرٍ، وظُلمٌ دون ظُلمٍ، وفِسقٌ دون فِسقٍ، وكذا قال أهل السُّنَّة كأحمد بن حنبل وغيره.

وقد قال تعالى: {ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ[التوبة: 31].

وفي حديث عَدِيِّ بن حاتِمٍ وهو حديث حَسَن طويل رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وكان قد قَدِم على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو نصرانِيٌّ فسَمِعه يقرأ هَذِه الآية، قال فقلت له: إنَّا لَسْنَا نَعبُدُهم، قال: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتُحِلُّونَهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلَى! قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ!» ([4]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2887).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1403)، ومسلم رقم (987).

([3])أخرجه: أحمد رقم (19606)، وأبو يعلى رقم (58)، والطبراني في «الكبير» رقم (3479).

([4])أخرجه: الترمذي رقم (3095)، والطبراني في «الكبير» رقم (218)، والبيهقي في ««الشعب» رقم (8948)