إلى الصِّراط المُستقيم
الذي تكون عاقِبَتُه الجنَّةَ، ويَحصُل له مِن نَقْصِ الأمنِ والاهتِداءِ بحَسَبِ
ما نَقَصَ من إِيمَانه بظُلمِه نَفْسَه.
وليس مُرادُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ» ([1]) أنَّ مَن لم يُشرِك الشِّركَ الأكبَرَ يكون له الأمنُ
التَّامُّ والاهتِداءُ التَّامُّ؛ فإنَّ أحادِيثَه الكَثِيرة مع نُصوصِ القرآن
تُبيِّن أنَّ أهلَ الكَبائِر مُعَرَّضُون للخوفِ؛ لم يَحصُل لهم الأمنُ التَّامُّ
والاهتِداءُ التَّامُّ، الذي يكونون به مُهتَدين إلى الصِّراط المُستقيم، صراطِ
الذين أَنعَم الله عَلَيهِم من النَّبيِّين والصِّدِّيقِين والشُّهَداء
والصَّالحين من غَيرِ عذابٍ يَحصُل لهم، بل معهم أصلُ الاهتِداءِ إلى هذا
الصِّراط، ومعهم أصلُ نِعمَة الله عَلَيهِم ولا بُدَّ لهم من دخول الجنة.
وقول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ» ([2]) إنْ أراد به الشِّركَ الأكبَرَ فمَقصُوده: أنَّ مَن لم
يَكُن من أَهلِه فهو آمِنٌ ممَّا وَعد به المُشرِكون من عذاب الدُّنيا والآخِرَة
فهو مُهتَدٍ إلى ذلك.
وإن كان مُرادُه جِنسَ الشَّركِ فيُقال: ظُلم العَبدِ نَفْسَه
كبُخلِه لحُبِّ المال ببعض الواجِبِ هو شِركٌ أصغَرُ، وحُبًّه ما يُبغِضه الله حتى
يكون يقدِّم هواه على محبَّةِ الله شِركٌ أصغَرُ، ونحو ذلك؛ فهذا صاحِبُه قد فاته
من الأمنِ والاهتِداءِ بحَسَبِه؛ ولهذا كان السَّلَف يُدخِلون الذُّنوب في هذا
الظُّلمِ بهذا الاعتِبارِ.
انتهى كلامُ الشَّيخِ في هذا الموضوع المُهِمِّ، وهو بيانُ أنواعِ الظُّلم وحُكمِ كلِّ نوعٍ وما يترتَّب عَلَيهِ من الأحكام، وأنَّ المعاصِيَ كُلَّها ظُلمٌ،
([1])أخرجه: البخاري رقم (3246).