وقيل: لا يَشعُرون أنَّ الله يُطْلِع نَبِيَّه على فَسادِهِم.
والقول الأول يتناول الثاني فهو المراد، كما يدل عَلَيه لفظ
الآية.
وقال تعالى: {إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي
نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ﴾[الأعراف: 196].
وقال: {قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ
إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبۡطِلُهُۥٓ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾[يونس: 81].
وقول يوسف: {تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي
بِٱلصَّٰلِحِينَ﴾[يوسف: 101].
وقد يَقرِن أَحدَهُما - أي: الفساد والصلاح - بما هو أخَصُّ
منه، كقوله: {وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ
وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ﴾[البقرة: 205]،
قيل: بالكفر، وقيل: بالظلم، وكلاهما صحيح.
وقال تعالى: {تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ
نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ﴾[القصص: 83].
وقال تعالى: {مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا
عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ
فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا
فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ﴾[المائدة: 32].
وقَتْل النَّفْسِ الأوَّلُ من جُملَة الفسادِ، لكنَّ الحقَّ في
القتل لوليِّ المَقتُول، وفي الرِّدَّة والمُحارَبة والزِّنا: الحقُّ فيها لعُمُوم
الناس؛ ولهذا يقال: هو حقُّ الله، ولهذا لا يُعفَى عن هذا كما يُعفَى عن الأول
لأنَّ فسادَهُ عامٌّ.
قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ﴾[المائدة: 33].