من مَشهُور اللغة، يقال:
هذا السَّقف يُرِيد أن يَقَع، وهذه الأرض تُرِيد أن تُحرَث، وهذا الزرع يُرِيد أن
يُسقَى، وهذا الثَّمَر يُرِيد أن يُقطَف، وهذا الثُّوب يُرِيد أن يُغسَل..، وأمثال
ذلك.
واللَّفظُ إذا استُعمِل في معنَيَيْن فصاعِدًا، فإمَّا أن
يُجعَل حقيقة في أَحدِهِما مَجازًا في الآخر، أو حقيقة فيما يختَصُّ به كلٌّ منهما
فيكون مشتَرَكًا اشتِرَاكًا لفظِيًّا، أو حقيقة في القدْر المشتَرَك بينهما، وهي
الأسماء المُتواطِئَة، وهي الأسماء العامَّة كلُّها.
وعلى الأوَّلِ يلزم المَجـازُ، وعلى الثَّانِي يلزم الاشتِرَاك،
وكِلاهُما خلافُ الأصل؛ فوَجَب أن يُجعَل من المُتَواطِئَة، وبهذا يُعرَف عُموم
الأسماء العامَّة كلِّها، وإلاَّ فلو قال قائل: هو في مَيلِ الجَمادِ حقيقةٌ وهو
في مَيلِ الحَيوانِ مَجازٌ، لم يَكُن بين الدَّعْوَيَيْن فرقٌ إلاَّ كَثرةُ
الاستعمال في مَيلِ الحَيوانِ، لكن يُستعمَل مقيَّدًا بما يبيِّن أنه أُرِيد به
مَيلُ الحيوان، وهذا استُعمِل مقيَّدًا بما يبيِّن أنَّه أُرِيد به مَيلُ
الجَمادِ.
ثم ذَكَر الشَّيخ رحمه الله مثالاً آخَرَ لِمَا ادَّعَوا أنَّه
مَجازٌ في القُرآنِ، وهو قَولُه تعالى: {فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ
وَٱلۡخَوۡفِ﴾[النحل: 112]، فإنَّ من النَّاس مَن يقول: الذَّوق
حَقِيقَة يكون في: الذَّوق بالفَمِ، واللِّباس بما على البَدَن، وإنَّما استُعِيرَ
هذا وهذا.
وليس كَذلِكَ، بل قال الخَلِيل - يعني: الخَلِيلَ بنَ أَحمَدَ
الإِمامَ في اللُّغَة - قال: الذَّوق في لغة العَرَب هو وُجُود طَعمِ الشَّيءِ،
والاستِعمَال يدلُّ على ذلك؛ قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ
ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ﴾[السجدة: 21].
وقال {ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡكَرِيمُ﴾[الدخان: 49].