×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

اصطَلَحوا معه على وَضْعٍ متقدِّمٍ، بل ولا أَوقفوه على معاني الأسماء، وإن كان أحيانًا قد يَسأَل عن مُسَمَّى بَعضِ الأشياء فيُوقَفُ عليها، كما يُتَرْجَم للرَّجل اللُّغَة التي لا يعرفها فيُوقَف على معاني أَلفاظِها، وإن باشَرَ أَهلَها مدَّةً عَلِم ذلك بدون تَوقِيفٍ من أحدهم.

نعم قد يضع النَّاس الاسمَ لِمَا يحدث ممَّا لم يَكُن مَن قَبلَهم يَعرِفُه فيُسَمِّيه، كما يُولَد لأَحَدِهم ولدٌ فيُسَمِّيه اسمًا إمَّا منقولاً وإمَّا مُرتَجَلاً، وقد يكون المُسمَّى واحدًا لم يَصطَلِح مع غَيرِه، وقد يَستَوُون فيما يُسمُّونَه.

وكَذلِكَ قد يحدث للرَّجل آلة من صناعةٍ أو يصنِّف كتابًا أو يبني مدينة ونحو ذلك فيسمِّي ذلك باسمٍ؛ لأنه ليس من الأجناسِ المَعرُوفة حتى يكون له اسم في اللُّغَة العامَّة.

وقد قال الله تعالى: {ٱلرَّحۡمَٰنُ ١عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ٢خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ ٣عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ ٤[الرحمن: 1- 4].

{قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ[فصلت: 21].

وقال: {ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ٢وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ٣[الأعلى: 2- 3].

فهو سُبحانَه يُلهِم الإنسانَ النُّطقَ كما يُلهِم غَيرَه، وهو سُبحانَه إذا كان قد علَّم آدَمَ الأسماء كُلَّها وعَرَض المُسَمَّيات على الملائكة كما أخبر بذلك في كِتابِه.

فنحن نعلم أنَّه لم يُعَلِّم آدَمَ جَمِيعَ اللُّغاتِ التي يتكلم بها جَميعُ النَّاس إلى يوم القيامة، وأنَّ تِلْكَ اللُّغاتِ اتَّصلَت إلى أَولادِه فلا يتكلَّمون إلاَّ بها؛ فإنَّ هذا كَذِب ظاهِرٌ؛ فإنَّ آدَمَ عليه السلام إنَّما يَنقُل عنه بَنُوه، وقد


الشرح