قوله: «فمبدأُ
الأمور من الله وتمامها على الله...» يعني: هو الذي يوفّق العبد
لفعل الأسباب، وتمامها علىه، فهو الذي يرتب النتائج على أسبابها، وفصل الأسباب من
قدر الله. لا يخرج شيء عن قدره وقضائه فلا تنافي بين فعل الأسباب وقدر الله -
سبحانه.
قوله: «لا أنَّ
العبد نفسه هو المؤثر...» الأمر بيد الله سبحانه وتعالى هو الذي يوفِّق عبده
للعمل الصالح، وهو الذي يثيبه عليه، وليس العبد مؤثرًا في الله، كما يظنه أهل
الضلال الذين ينفون الأسباب، والأسباب قد تكون جالبة لمسبّباتها، وقد تكون غير
ذلك، وهذا راجع إلى الله جل وعلا.
وهذا معنى قوله: «وهو جاعل
دعاء عبده سببًا لما يريده من القضاء...»)، ولهذا مِن صفات الله: أنه مُسبِّب
الأسباب.
ولهذا لما جاء الرجل
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رُقًى
نَسْتَرْقِي بِهَا، وَأَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا، وَتُقًى نَتَّقِيهَا، هَلْ
تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: «هِيَ مِنْ قَضاءِ اللَّهِ» ([1])، فإذا أراد الله لك
الشفاء وفقك للدواء النافع، ويسّر لك التداوي به.
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدُّعَاءَ وَالبَلاَءَ لَيَلْتَقِيَانِ...» ([2]) فلا يرد القضاءَ إلا الدعاءُ، فهناك مقادير مقدّرة على أسباب، إذا حصلت الأسباب حصلت هذه المقادير، وإذا لم تحصل الأسباب لم تحصل المقادير، فأنت إذا طلبت الرزق، أو تعالجت بالأدوية، أو تزوجت، فأنت فعلت
الصفحة 1 / 376