وتنوُّع الشرائع في الناسخ والمنسوخ من المشروع، كتنوع
الشريعة الواحدة، وكما أن دِين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه
وسلم هو دِين واحد، مع أنه قد كان في وقت يجب استقبال بيت المقدس في الصلاة، كما
أُمر المسلمون بذلك بعد الهجرة ببضعة عشر شهرًا، وبعد ذلك يجب استقبال الكعبة
ويحرم استقبال الصخرة، فالدين واحد وإن تنوعت القبلة في وقتين من أوقاته، فهكذا
شرع الله تعالى لبني إسرائيل السبت، ثم نسخ ذلك وشرع الجمعة، فكان الاجتماع يوم
السبت واجبًا إذ ذاك، ثم صار الواجب هو الاجتماع يوم الجمعة، وحرُم الاجتماع يوم
السبت، فمن خرج عن شريعة موسى قبل النَّسخ لم يكن مسلمًا، ومن لم يدخل في شريعة
محمد صلى الله عليه وسلم بعد النسخ لم يكن مسلمًا.
*****
من مقتضى الإسلام العمل بما شرعه الله سبحانه وتعالى في كل وقت بحسبه، فقد ينسخ الله شريعة بشريعة، وقد ينسخ الله بعض الأحكام في الشريعة الواحدة بأحكام أخرى حسب مصالح العباد، وطاعة الله هي بفعل الناسخ وترك المنسوخ، أي: بفعل ما شرعه الله وترك ما نسخه الله سبحانه وتعالى والنسخ من مصالح العبـاد، وقد يكون النسخ إلى أخف، وقد يكون إلى أغلظ، وقد يكون إلى بدل، أو إلى غير بدل، بحسب مصالح العباد، وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى ورحمته بعباده.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد