×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وهذا كما أنه قد ثبت باتفاق أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حجّ البيت لم يستلم من الأركان إلاّ الركنين اليمانيين، فلم يستلم الركنين الشاميين ولا غيرهما من جوانب البيت، ولا مقام إبراهيم ولا غيره من المشاعر، وأما التقبيل فلم يقبل إلاّ الحجر الأسود.

وقد اختلف في الركن اليماني، فقيل: يقبِّله، وقيل يستلمه ويقبِّل يده، وقيل: لا يقبِّله ولا يقبِّل يده، والأقوال الثلاثة مشهورة في مذهب أحمد وغيره، والصواب أنه لا يقبِّله ولا يقبِّل يده، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل لا هذا ولا هذا، كما تنطق به الأحاديث الصحيحة.

*****

 النبي صلى الله عليه وسلم إنما شرع لأمته في الكعبة أن يُستلم الحجر الأسود الذي في ركن الكعبة، والركن اليماني؛ لأنهما على قواعد إبراهيم عليه السلام، ولم يكن يستلم ولا يقبّل الركنين الشاميين؛ لأنهما في داخل الكعبة، وليسا على قواعد إبراهيم عليه السلام، وكذلك ما كان يقبِّل مقام إبراهيم، وإنما كان يصلِّي عنده ركعتين، فما يفعله الناس الآن من تكدَّسهم على الكعبة، وتعلقهم بالباب، وتزاحمهم حولها وسدّ المطاف، ومضايقة الطائفين وإيذائهم، والله جل وعلا قال: ﴿وَطَهِّرۡ بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ [الحج: 26] بدأ بهم، وهؤلاء يضايقون الطائفين، ويحيون البدع، دلّ هذا على أنَّ هذا خطأ محض يجب المنع منه.

والهدي في أركان الكعبة أنَّ الركنين الشاميين لا يقبّلان ولا يستلمان، وأما الركن اليماني فهو يستلم ولا يقبّل، وأما الحجر الأسود فيستلم ويقبّل. ومقام إبراهيم يصلَّى عنده ركعتا الطواف ولا يمسح ولا يُقَبَّل، وكل ما زاد عن ذلك فإنه مبتدَع في دين الله، فكيف بتتبع الآثار التي لا علاقة لها بالبيت ولا بالمسجد الحرام في مكة وحولها؟!.


الشرح