وذلك أنَّ الله تعالى نهاه عن القيام في مسجد الضرار،
فقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادٗا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ وَلَيَحۡلِفُنَّ
إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ
١٠٧ لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ
أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ
يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 107- 108].
وكان مسجد الضرار قد بُني لأبي عامر الفاسق الذي كان
يقال له: أبو عامر الراهب، وكان قد تنصّر في الجاهلية، وكان المشركون يعظّمونه،
فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي صلى الله عليه وسلم،
وفراره إلى الكافرين، فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد، وقصدوا أن يبنوه
لأبي عامر هذا، والقصة مشهورة في ذلك، فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله،
بل لغير ذلك.
*****
قوله: «وذلك أن الله
نهاه عن القيام في مسجد الضرار...» سبب نزول هذه الآيات - والله أعلم - أنَّ
المنافقين لما رأوا اجتماع الناس في مسجد قباء، وصلاتهم فيه، شقّ ذلك عليهم؛ لأنهم
يريدون أن يفرقوا بين المسلمين، وأن يوقعوا العداوة بينهم، فكادوا للمسلمين
مكيدةً، وهي أنهم بنوا مسجدًا قريبًا من مسجد قباء، وقالوا: نريده لليلة الشاتية،
وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلِّي فيه لأجل أن يُضْفوا عليه الشرعيّة،
ولأن الناس يقتدون به صلى الله عليه وسلم، وهم فعلوا ذلك لا حبًّا في الرسول ولا
حبًّا في صلاته، وإنما هو من باب الخداع والمكر، وقد
الصفحة 1 / 376