×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

ومثله ما خرّجاه في «الصحيحين» عن عِتبان بن مالك رضي الله عنه، قال: كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بَنِي سَالِمٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ، فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي مَكَانًا حَتَّى أَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَ: «أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، قَال: فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكم؟»، فَأَشَرْتُ إِلَيْهِ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرَ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ ([1]).

ففي هذا الحديث دلالة على أن من قصد أن يبني مسجده في موضع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بأس به، وكذلك قصد الصلاة في موضع صلاته، لكن هذا كان أصل قصده بناء المسجد، فأحب أن يكون موضعًا يصلِّي له فيه النبي صلى الله عليه وسلم ليكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي رسم المسجد، بخلاف مكانٍ صلّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم اتّفاقًا فاتخذ مسجدًا، لا لحاجة إلى المسجد، لكن لأجل صلاته فيه.

*****

ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لقصد التشريع:

ومن الأماكن التي قصد النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة فيهـا لأجل أن يصلِّي فيها مَنْ بعده، ما ورد في حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أنه كان يصلي بقومه بني سالم، ثم إنه في آخر أيامه ضعف بصره وصارت السيول تحول بينه وبين مسجد قومه، فأراد أن يتخذ مسجدًا له في بيته يصلي فيه


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (502)، ومسلم رقم (509).