والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات،
فزعم قوم من المبطلين - متفلسفة ومتصوفة - أنه لا فائدة فيه أصلاً، فإنَّ المشيئة
الإلهية والأسباب العلويّة، إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب وحينئذٍ فلا حاجة
للدعاء، أو لا تكون اقتضته وحينئذٍ لا ينفع الدعاء.
وقال قوم ممن تكلم في العلم: بل الدعاء علامة على حصول
المطلوب، وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول، لا ارتباط السبب
بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق.
والصواب ما عليه الجمهور من أنَّ الدعاء سبب لحصول
الخير المطلوب، أو غيره كسائر الأسباب المقدّرة والمشروعة.
*****
بيان أنَّ من الفرق الضالة من أنكر فائدة الدعاء
والرد عليهم:
هناك من أنكر الدعاء
وقال: إنه ليس سببًا في حصول المقصود. فهؤلاء غَلَوْا في النفي وإثبات المشيئة،
وهم الفلاسفة والجبريّة وتبعهم غلاة الصوفية الذين يقولون: إن كان الله قدّر الشيء
فلا بدَّ من حصوله ولو لم يدعُ الإنسان، وإن لم يقدِّره فإنه لن يحصل ولو دعا.
وقابلتهم الطائفة
التي تقول: إنَّ الدعاء ليس سببًا لحصول المطلوب، ولا مؤثرًا فيه، وإنما هو علامة على
حصوله. وهؤلاء هم الأشاعرة الكلابية.
القول الثالث: وهو الصحيح وهو ما عليه الأئمـة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنَّ الدعاء نافع، وأنه سببٌ لحصول المطلوب إذا تقبله الله سبحانه وتعالى؛ لأنَّ الله أمرَ به في آياتٍ كثيرة، ولو لم يكن سببًا لما أمر الله جل وعلا به.
الصفحة 1 / 376
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد