وعامة آيات القرآن تثبت هذا الأصل، حتى إنه - سبحانه -
قطع أثر الشفاعة بدون إذنه، كقوله - سبحانه -: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ﴾ [البقرة: 255].
وكقوله تعالى: ﴿وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوٓاْ إِلَىٰ
رَبِّهِمۡ لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ﴾ [الأنعام: 51].
وكقوله تعالى: ﴿وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا
مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيع﴾ [الأنعام: 70].
*****
قوله: «وعامّة آيات القرآن تُثبت هذا
الأصل...» جميع آيات القرآن تثبت وجود الأسباب المحرَّمة والشركية، وينهى الله
عنها نهيًا متكررًا، ويأمر بالأسباب المشروعة والمباحة، كل ذلك لأجل إخلاص
العبادةِ لله عز وجل والبعد عن الشرك، وما يفضي إليه.
كقوله تعالى:﴿وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ [الأنعام: 51] أي: وأنذر بالقرآن﴿ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوٓاْ﴾ [الأنعام: 51] أي: يخافون ما يكون في الحشر، ويؤمنون بالبعث ﴿لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ﴾ [الأنعام: 51] أي: غير الله﴿وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ﴾ [الأنعام: 51] أي: يتولى أمورهم، أو يشفع لهم عند الله. فإنَّ الولاية لله سبحانه وتعالى قال تعالى: ﴿ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ ٱلۡحَٰسِبِينَ﴾ [الأنعام: 62] فالولاية العامـة، تكـون للمؤمن والكافر، الله ولي الجميع، أما الولاية الخاصة فإنما تكون للمؤمنين خاصة قال -سبحانه-: ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ﴾ [البقرة: 257] فقوله: ﴿لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِيّٞ﴾ يراد به الـولاية الخاصة، فالله
الصفحة 1 / 376