قال موسى: وحدثني نافع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ
يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ ([1]).
فهذا ما رخّص فيه أحمد رضي الله عنه.
*****
ما كان من فِعل ابن
عمر رضي الله عنهما من تتبع الأمكنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم جلس بها أو
مرّ بها أو صلّى فيها، فهذا إنما فعله ابن عمر من باب الاتباع، لا من باب التبرك،
فمن فعله من باب الاتباع فقد يقال: إنه لا بأس به، كما قال الإمام أحمد رحمه الله
وأما ما يُفعل من باب التبرك فهذا لا أحد يقول به، والمدينة ليس فيها أمكنة تقصد
إلا المسجد النبوي، الذي الصلاة فيه تفضل عن ألف صلاة فيما سواه، وإلا مسجد قباء
الذي قال الله عز وجل فيه: ﴿لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ
أَن تَقُومَ فِيهِۚ﴾ [التوبة: 108]،
وكان صلى الله عليه وسلم يزوره ويصلي فيه، وكذلك زيارة البقيع والشهداء من أموات
الصحابة للسلام عليهم والدعاء لهم، هذه هي الأمكنة التي تُزَار في المدينة، وما
عداها فلا أصل لزيارته. إلاّ الابتداع وضياع الوقت وقد صدرت من اللجنة الدائمة
للإفتاء رسالة مختصرة في بيان ما تشرع زيارته في المدينة وما لا تشرع زيارته،
بتوقيع سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز بن باز وجميع أعضاء اللجنة.
يقول الإمام أحمد: لو أنَّ الناس اقتصروا على ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم لأجل التشريع، أو ما كان ابن عمر يفعله من باب الاتباع لا التبرك، فإنَّ الأمر في هذا واسع، لكن الناس أفرطوا في هذا، وصاروا يأتون هذه الأماكن للتبرك بها، واعتقاد أنَّ زيارتها مشروعة، أو غير ذلك. ومَثَّلَ أحمد بما يحصل عند قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما من الشركيات والبدع.
الصفحة 1 / 376