وكذلك قوله تعالى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ
ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ
يَعۡلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 41].
والقرآن عامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم الذي
هو أصلُ الأصول.
وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء مع كونه قد
يؤثر إذا قدِّر أنَّ هذا الدعاء كان سببًا أو جزءًا من السبب في حصول طلبته.
*****
هذا مَثلٌ لبيان ضعف المعبودات التي تُعبـد من
دون الله، أنها مثل بيت العنكبوت، فالذي يعبد غير الله ﴿كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ﴾ ضعيفًا، لا يُظلِّل من الشّمس ولا يَمْنع من المطر ولا
يمنع من البرد ولا الحر ﴿وَإِنَّ
أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ﴾ أي: بيت العنكبوت
هو أضعف البيوت، وكذلك حال المعبودات من دون الله عز وجل من حجر وشجر وخلق مثل بيت
العنكبوت فهي لا تنفع صاحبها.
القرآن كله جاء
ليقرر هذا الأمر الذي هو أصل الأصول وهو التوحيد، فالقرآن كله توحيد كما قال ابن
القيم رحمه الله؛ لأنه إما أمر بعبادة الله، وإما نهي عن عبادة غير الله، وإما
بيان لجزاء من عبد الله وأخلص العبادة له، وإما بيان لجزاء من أشرك بالله عز وجل
وعبد معه غيره، وإما تحليل أو تحريم، وهذا من حقوق التوحيد؛ لأن التحليل والتحريم
حق لله - سبحانه -.
وإما أن يكون ضربًا للأمثال التي تقرِّب التوحيد وتبيّنه وتدل على بُطلان الشرك بضربِ الأمثلة، فالقرآن موضوعه الأول التوحيد من أوله
الصفحة 1 / 376