الوجه الثالث في كراهة قصدها للدعاء: أنَّ السلف رضي
الله عنهم كرهوا ذلك، متأوِّلين في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَّخِذُوا
قَبْرِي عِيدًا» ([1]).
كما ذكرنا ذلك عن علي بن الحسين والحسن بن الحسن ابن عمه،
وهما أفضل أهل البيت من التابعين، وأعلم بهذا الشأن من غيرهما، لمجاورتهما الحجرة
النبوية نسبًا ومكانًا.
وذكرنا عن أحمد وغيره: أنه أَمَرَ مَـن سلّم على النبي
صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم أراد أن يدعو: أن ينصرف فيستقبل القبلة.
وكذلك أنكر ذلك غير واحدٍ من العلماء المتقدمين، كمالك
وغيره، ومن المتأخرين، مثل أبي الوفاء ابن عقيل وأبي الفرج ابن الجوزي.
وما أحفظ - لا عن صاحب ولا تابع ولا عن إمام معروف -
أنه استحب قصد شيء من القبور للدعاء عنده، ولا روى أحد في ذلك شيئًا، لا عن النبي
صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، ولا عن أحد من الأئمة المعروفين.
وقد صنَّف الناس في الدعاء وأوقاته وأمكنته، وذكروا
فيه الآثار، فما ذكر أحد منهم في فضل الدعاء عند شيء من القبور حرفًا واحدًا فيما
أعلم، فكيف يجوز والحال هذه أن يكون الدُّعاء عندها أجوبَ وأفضلَ، والسَّلفُ تُنكره
ولا تعرفه، وتنهى عنه ولا تأمر به؟
*****
الوجه الثالث من أوجهِ قصد القبور للدعاء عندها، كقبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، لاعتقاد أن ذلك فيه فضل، وأنه أقرب
الصفحة 1 / 376
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد