×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

والفقهاء قد ذكروا في تعليل كراهة الصلاة في المقبرة علتين:

إحداهما: نجاسة التراب باختلاطه بصديد الموتى، وهذه علة من يفرّق بين القديمة والحديثة، وهذه العلة في صحتها نزاع، لاختلاف العلماء في نجاسة تراب القبور، وهي من مسائل الاستحالة، وأكثر علماء المسلمين يقولون: إنَّ النجاسة تطهر بالاستحالة، وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد. وقد ثبت في «الصحيح» أنَّ مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان حائطًا لبني النجار، وكان فيه قبور من قبور المشركين ونخلاً وخربًا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنخيل فقطعت، وبالخرب فسُوِّيت، وبالقبور فنُبشت، وجُعل النخل في صف القبلة ([1]).

ولو كان تراب قبور المشركين نجسًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بنقل ذلك التراب، فإنه لا بدَّ أن يختلط ذلك التراب بغيره.

والعلة الثانية: ما في ذلك من مشابهة الكفار بالصلاة عنـد القبور، لما يفضي إليه ذلك من الشرك، وهذه العلّة صحيحة باتفاقهم.

والمعللون بالأولى كالشافعي وغيره، عللوا بهذه أيضًا، وكرهوا ذلك لما فيه من الفتنة، وكذلك الأئمة من أصحاب أحمد ومالك، كأبي بكر الأثرم صاحـب أحمد وغـيره، علَّله بهذه العلة الثانية أيضًا، وإن كان منهم من قد يعلل بالأولى.

*****

العلة في النهي عن الصلاة عند القبور:

النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند القبور، واختلف العلماء في علة ذلك، على قولين:


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (4920).