×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر والكلام، ومن أهل الإرادة والعبادة، حتى قلبوا حقيقته في نفوسهم. فطائفة ظنَّت أنَّ التوحيد هو نفي الصفات، بل نفي الأسماء الحسنى أيضًا، وسَمَّوْا أنفسهم أهل التوحيد، وأثبتوا ذاتًا مجردة عن الصفـات، ووجـودًا مطلقـًا بشرط الإطلاق.

وقد عُلم بصريح المعقول المطابق لصحيح المنقول أنَّ ذلك لا يكون إلاّ في الأذهان لا في الأعيان، وزعموا أنَّ إثبات الصفات يستلزم ما سموه تركيبًا، وظنوا أنَّ العقل ينفيه، كما قد كشفنا أسرارهم، وبيَّنا فرط جهلهم ومـا أضلهم من الألفاظ المجملة المشتركة في غير هذا الموضع.

*****

 أهل الحق وأهل الضَّلال فسّروا التوحيد بتفسيرات:

فأهل الإيمان وأهل العِلم يفسِّرون التوحيد بأنه إفراد الله تعالى بالعبادة وترك عبادة ما سواه.

وأهل الشرك يفسِّرون التوحيد بأنه عبادة الأضرحة، والقبور، والمشاهد لطلب الشفاعة منها، وينكرون على من يأمر بعبادة الله وحده.

وأهل وحدة الوجود يقولون: التوحيد أن تعتقد أنَّ هذا الكون كله هو الله، لا انقسام فيه، فمن قسّمه إلى مخلوق وخالق فهذا مشرك.

وأما المعتزلة والجهمية فإنهم يقولون: التوحيد هـو نفي الصفـات، فمن أثبت لله الأسماء والصفات فهذا مشرك، ومن نفاها فهذا موحد.

فهذه هي تفسيراتهم للتَّوحيد، ولذلك يسمّون عقيدتهم بالتوحيد، يعني: نفي الأسماء والصفات؛ لأن إثباتها يعني تعدد الآلهة عندهم 


الشرح