ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله بعقله، وتدبَّره
بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام،
لا منظومه ولا منثوره.
ومن اعتاد الدعاء المشروع في أوقـاته، كالأسحار وأدبار
السجود ونحو ذلك، أغناه عن كل دعاء مبتدع في ذاته أو في بعض صفاته.
*****
مما يعوّض به عن هذه
الممارسات البدعيّة الضالّة - بل هو الأصل - أن يتعلق الإنسان بالعبادات المشروعة،
كأنْ يتعلق بالصلوات الخمس، وأدائها على الوجه المشروع، والتأمل فيها، وبتدبر كلام
الله القرآن العظيم، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم والتفقُّه في ذلك، فإنَّ هذا
سبيل الرشاد لمن يريد الحق.
لكن لما أعرضوا عن
هذه الأمور، وصاروا يصلّون صلاة صورية، ويقرؤون القرآن ولا يتدبرونه، ويسمعون
الذكر ولا يتأملون فيه، صارت حالتهم كحالة هؤلاء الذين طُمست بصائرهم والعياذ
بالله، فأعرضوا عن ذكر الله، قال جل وعلا: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا
فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ﴾ [الزخرف: 36]، وقال: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ﴾ [طه: 124].
وكذلك بعد التأمل في
الصلاة المفروضة وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه ينبغي كذلك
التعلق بالأوقات الفاضلة وأوقات الإجابة، وذلك كأدبار الصلوات، وفي أوقات السحر،
وفي قيام الليل، وفي يوم الجمعة، وفي شهر رمضان، وليلة القدر، وغير ذلك من
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد