×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

ثم إنَّ طائفة ممن تكلم في تحقيق التوحيد على طريق أهل التصوف، ظن أن توحيد الربوبية هو الغاية، والفناء فيه هو النهاية، وأنه إذا شهد ذلك سقط عنه استحسان الحسن واستقباح القبيح، فآل بهم الأمر إلى تعطيل الأمر والنهي والوعد والوعيـد.

*****

وقوله تعالى: ﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ أي: لو كان في السَّماوات والأرض آلهة يعني: من يستحق العبادة، على الوجه الصحيح، وقوله: ﴿لَفَسَدَتَاۚ، يعني: أن كل ما عُبد من دون الله فعبادته فاسدة، ولذلك تفسد السماوات والأرض بالشرك، أما أهل النظر فيقولون: لو كان فيهما رب إلاّ الله لفسدتا، وهذا شيء أقر به المشركون، فهم يعتبرون أنَّ الرب واحد، وهو الخالق الرازق المُحيي المميت المدبر، كما ذكر الله ذلك عنهم في القرآن الكريم: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ[الزخرف: 87]، وقوله: ﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ٨٦ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ[المؤمنون: 86- 87] فهم مُقِرُّون بهذا.

أهل وحدة الوجود من الصُّوفية يرَوْن أنَّ المطلوب توحيد الربوبية، فإذا حقق الإنسان توحيد الربوبية، بأن شهد أنه لا يدبر ولا يخلق ولا يرزق إلاّ الله، فهذا هو المسلم عندهم، ولو لم يعبد الله، ولو لم يصلِّ ولو لم يُزَكِّ، هذا دينهم الباطل والعياذ بالله. قالوا: ولا حرج عليه أن يفعل الفواحش، ويستحلّ المحرمات؛ لأنه مقرٌّ بالتوحيد عندهم.


الشرح