×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

 حراء، ويتحملون المشاق، وربما يكونون مرضى أو كبارًا في السِّن، وينفقون الأموال والأوقات في ذلك، لو أن هؤلاء جعلوا عبادتهم واجتهادهم في المسجد الحرام؛ لكتب الله لهم الأجر العظيم، أَمَا وهم يذهبون إلى الأماكن التي لم يشرع الله الذهاب إليها، فإنهم يأثمون بذلك، ويخسرون أموالهم وأوقاتهم وراحتهم.

قوله: «وأما قصد مسجد غيره هناك تحريًا لفضله فبدعة...» المقصود: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته السفر لأجل عبادة في مكان مخصوص إلا إلى المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، وهو مسجد إبراهيم عليه السلام، والمسجـد النبوي، وهو مسجـد محمـد صلى الله عليه وسلم في المدينـة، والمسجـد الأقصى، وهو الذي بناه يعقوب عليه السلام أو أبوه إسحاق عليهما السلام، فهذه مساجد الأنبياء، التي تُقصد للصلاة والعبادة فيها، وما عداها من المساجد فلا يُذهب إليه ولا يُقصد، وإنما يصلِّي فيها جيرانها ومن أدركته الصَّلاة عندها، من غير قصد لها، وإنما لأنه أدركته الصلاة فيها.

قوله: «فالسفر إلى هذه المساجد الثلاثة...» يعني ليس هناك غير المساجد الثلاثة مسجد يُسافر إليه، وحتى مسجد قباء يقصد من مكان قريب؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب إليه من المدينة كل سبت، ويصلي فيه، فالذهاب إليه كل سبت للصلاة فيه، وأما ما عداه من المساجد في المدينة فلا يُذهب إليه، حتى ولو كان الذهاب إليه من نفس البلد.


الشرح