فأما
غالب هذه الأدعية التي ليست مشروعة، فلا تكون هي السبب في حصول المطلوب، ولا جزءًا
منه.
ولا يعلم ذلك، بل يتوهَّم وهمًا كاذبًا كالنذر سواء،
فإن في «الصحيح» عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ نَهَى عَنِ
النَّذْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ
مِنَ الْبَخِيلِ» ([1]).
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إِنَّ النَّذْرَ لاَ يُقَرِّبُ مِنَ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ
قَدَّرَهُ لَهُ، وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ فَيُخْرِجُ بِذَلِكَ
مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ» رواه مسلم ([2]).
*****
أي: أنَّ الدعاء إذا لم يكن مشروعًا، فإنه لا
يكون سببًا في حصول المطلوب؛ لأنَّ الله لم يجعله سببًا، وما دام لم يجعله سببًا
فلن يحصل المطلوب به، وإن حصل في بعض الأحيان وهو نادر، فإنما هو استدراج من الله.
قوله: «ولا يعلم ذلك
بل يتوهم وهمًا كاذبًا كالنذر سواء...» أي: لا يعلم حصول المطلوب
بسبب دعاء غير مشروع، ومثال ذلك النذر.
والنذر هو الالتزام، يعني: أن يلتزم الإنسان عبادة لم تجب عليه بأصل الشرع، كأن ينذر أن يصوم، أو أن يتصدق، أو يحج، أو يعتمر، فيظنُّ بعض الناس أنَّ هذا النذر هو السبب الذي حصل به الخير لصاحبه من ولـدٍ أو رزقٍ أو غير ذلك، وليس الأمر كذلك، فالنذر ليس سببًا، لا في جلب خيرٍ ولا في دفع شرٍّ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّذْرَ لاَ يَأْتِي
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1639).
الصفحة 1 / 376