ومنها ما يُقصد الاجتماع عنده في يوم معين من الأسبوع،
وبالجملة هذا الذي يُفعل عند هذه القبور هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم بقوله: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا» ([1])
فإنَّ اعتياد قصد مكان معين في وقتٍ معيَّنٍ عائد بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع،
هو بعينه معنى العيد.
ثم يُنهى عن دِقِّ ذلك وجِلِّه، وهذا هو الذي تقدم عن
الإمام أحمد إنكاره، لما قال: قد أفرط الناس في هذا جدًّا وأكثروا، وذكر ما يُفعل
عند قبر الحسين، وقد ذكرت فيما تقدم أنه يكره اعتياد عِبادة في وقت إذا لم تجئ بها
السنة، فكيف اعتياد مكان معين في وقت معين؟!
*****
قوله: «ومنها ما
يقصد الاجتماع عنده في يوم معيّن من الأسبوع...» الاجتماع في المكان للعبادة
يسمّى عيدًا مكانيًّا، إذا اعتيد هذا الاجتماع، سواء كان أسبوعيًّا أو شهريًّا أو
سنويًّا، فإذا كان فيه قبر فالأمر أشد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ
تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا» أي: مكانًا تجتمعون عنده وتترددون عليه.
قوله: «ثم يُنهى عن دِقِّ ذلك وجِلّه...»؛ لأنَّ العبادات توقيفية، لا يشرع منهـا إلاّ ما جاء الدليل به، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([2]) أي: مردود عليه، وهذا إحداث في دِين الله عز وجل فإن الاجتماع في مكان واعتياد ذلك، واعتقاد فضيلة هذا
الصفحة 1 / 376