وفي «الموطأ»
وغيره: عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا
يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ
مَسَاجِدَ» ([1]).
*****
المشروع عند زيارة
القبور:
لا يجوز الغلو في
القبور عند زيارتها، ودعاء الموتى، والاستغاثة بهم، أو التبرك بتربتهم، أو غير
ذلك، لئلا تصبح هذه الزيارة زيارة شركية بدعية، وهي لا تجوز، وهي من سنّة اليهود
والنصارى، كما قال صلى الله عليه وسلم: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، يُحَذِّرُ مَا
صَنَعُوا ([2])، فهو صلى الله عليه
وسلم إنما أخبر بذلك ولعن هؤلاء من أجل التحذير مما صنعوا، وخشية أن نتشبه بهم في
هذا الأمر، وأن نغلوا في القبور، ونفرط في حقها، وهذا من كمال شفقته صلى الله عليه
وسلم على أمته، وحرصه على تجنيبها ما يضرها، ويسيء إلى عقيدتها، وإنما تُزار
القبور من أجل الاعتبار والاتعاظ، ولأجل الاستغفار والدعاء للمؤمنين، ولا تزار
لأجل الغلو فيها، والصلاة أو الدعاء عندها، أو طلب الحاجات من الموتى، أو غير ذلك.
ذكر هنا مِن فعل اليهود والنصارى مع أمواتهم، أنهم كانوا يبنون عليها الكنائس، ويصوّرون فيها الصور، وغير ذلك من المشاهد التي تغري العوام والجهال بالتعلق بها، وعبادتها من دون الله، ولأجل ذلك وغيره ينبغي أن تُصان القبور عن هذه الأمور، فلا تزخرف
الصفحة 1 / 376