×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

 فخاف مالك وغيره أن يكون فعل ذلك عند القبر كل ساعة نوعًا من اتخاذ القبر عيدًا.

*****

قوله: «ومما يبين لك ذلك أن نفس السلام على النبي قد راعوا فيه السنة...» يعني راعوا السنة في ذلك حتى لا تُتخذ القبور مُصليات أو معتكفات، يُجلس عندها أو يُتردد إليها، راعوا في هذا السُّنة؛ لأنهم لا يتردَّدون على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، كلما دخلوا المسجد، وإنما يأتون ويسلِّمُون عليه إذا قدموا من سفر، وكذلك لا يجتمعون عند القبر، وإنما يجلسون في المسجد مستقبلين القبلة، يقرؤون القرآن، أو يصلّون، أو يدعون الله عز وجل فهم راعوا السنة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، بينما القبوريون لا يراعون السُّنة في زيارة قبور من يعظمونهم.

قوله: «فكان بعضهم يسأل عن السلام على القبر خشية أن يكون من هذا الباب...» أي: أنَّ بعض الذين يحافظون على عقيدتهم، يسألون عن السنة في السلام على القبر النبوي، وكان ابن عمر إذا قَدِم من سفر، يأتي ويستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: السلام عليك يا رسول الله، ثم يتأخر جهة المشرق قليلاً، ثم يقول: السلام عليك يا أبا بكر الصديق، ثم يتأخر قليلاً فيقول: السلام عليك يا أبتِ، ثم ينصرف رضي الله عنه فبيّنوا أن فِعل الصحابة أنه لا بأس بالسلام على القبر لمن قَدِم من سفر.

قوله: «ولهذا كره مالك وغيره...» كره مالك رضي الله عنه التردد على قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلما دخل المسجد، فالمقيم بالمدينة أو الساكن فيها لا يتردد على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم كلما دخل المسجد النبوي، إنما يفعل هذا من قَدِم من سَفَر فقط؛ لأن كثرة التردد عليه هي من اتخاذه عيدًا، والنبي صلى الله عليه وسلم


الشرح