كما أنَّ الله تعالى إذا أراد أن يُشبع عبدًا أو يرويه
ألهمه أن يأكل أو يشرب.
وإذا أراد أن يتوب على عبدٍ ألهمه أن يتوب، فيتوب عليه.
وإذا أراد أن يرحمه ويُدخله الجنة يَسَّره لعمل أهل
الجنة.
والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها
المقدِّرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء،
والعلم بالتعليم.
فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله.
لا أنَّ العبد نفسه هو المؤثر في الربِّ، أو في ملكوت
الرب، بل الرب - سبحانه - هو المؤثِّر في ملكوته.
وهو جاعلُ دعاء عبده سببًا لما يريده - سبحانه - من
القضاء.
كما قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا، وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا،
وَتُقًى نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: «هِيَ
مِنْ قَدَرِ اللَّهِ» ([1]).
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ الدُّعَاءَ
وَالبَلاَءَ لَيَلْتَقِيَانِ فَيَعْتَلِجَانِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» ([2]) فهذا
في الدعاء الذي يكون سببًا في حصول المطلوب.
*****
الرد على من نفى سببية الدعاء:
قوله: «كما أنَّ الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا...») أي: أنَّ الأشياء لها أسباب، فالشِّبَع والرِّيّ لهما أسباب وهما الأكل
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2065)، وابن ماجه رقم (3437)، وأحمد رقم (15472).
الصفحة 1 / 376