والشرب، فلو أنَّ أحدًا قال: أنا متوكِّل على
الله لا أحتاج إلى أكل وشرب، فيكون هذا الفعل من هذا الشخص فعلاً أحمق، كمن يقول:
إن أراد الله لي الذرية فسيرزقني ذريّة، ولو لم أتزوج، أو إن كان الله يريد لي
الغنى فسيغنيني دون أن أطلب الرزق. وهذا لا يقوله عاقل أبدًا، فلا بدَّ من فعل
الأسباب، حتى يحصل الـمُسَبَّب، بإذن الله.
قوله: «وإذا أراد أن
يتوب على عبدٍ ألهمه أن يتوب» فإنَّ من أسباب التوبة أن يستغفر العبد ربه ويتوب إليه،
وبدون ذلك لا يتوب الله عليه، فلا بد من فعل السبب.
قوله: «وإذا أراد أن
يرحمه ويدخله الجنة يسَّره لعمل أهل الجنّة...» كما أخبر بذلك النبي أصحابه
بأنَّ كل واحـد مقدَّر له عمله، ومقدَّر له منزلته في الجنة أو في النار، قالوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَ العَمَلَ؟ أَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا؟ قَالَ
صلى الله عليه وسلم: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا
مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ،
وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ
الشَّقَاوَةِ» ([1]).
وأنزل الله جل وعلا قوله: ﴿إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ ٤ فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ﴾ [الليل: 4- 10]، فالسبب من قِبل العبد، والنتيجة من قِبل الله سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4949)، ومسلم رقم (2647).