ومنها ما يسافر إليه من الأمصار في وقت معين أو في غير
وقت معين بقصد الدعاء عنده والعبادة هناك، كما يُقصد بيت الله الحرام لذلك، وهذا
السفر لا أعلم بين المسلمين خلافًا في تحريمه والنهي عنه، إلاّ أن يكون خلافًا
حادثًا.
وإنما ذكرت الوجهين المتقدمين في السفر المجرد لزيارة
القبور، فأما إذا كان السفر للعبادة عندها بالدعاء أو بالصلاة أو نحو ذلك، فهذا لا
ريب فيه، حتى إنَّ بعضهم يسميه الحج، ويقول: نريد الحج إلى قبر فلان وفلان.
*****
قوله: «ومنها ما
يُسافر إليه من الأمصار في وقت معين أو في غير وقت معين...» الحاصل: أن زيارة
القبور على نوعين:
النوع الأول: زيارة شرعية، وهي
التي تكون بدون سفر، ويكون القصد منها السلام على الميت والدعاء له، والاعتبار
والاتعاظ بأحوال الموتى والقبور، قال صلى الله عليه وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ،
فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُم الآْخِرَةَ» ([1]).
والنوع الثاني: زيارة شركية أو
بدعية، وهي الزيارة من أجل الاستغاثة بالأموات، وطلب الحوائج منهم، فهذه زيارة
شركية، أو من أجل الدعاء عند القبور، رجاء أن يُستجاب الدعاء، وهذه زيارة بدعية،
ووسيلة من وسائل الشرك.
ثم يضاف إلى هذا أنَّ السفر إليها، سفر معصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([2])، فلا تشد الرحال شدّ عبادة وسفر عبادة
الصفحة 1 / 376