وقد اتفق العلماء على مـا مضت به السنة من أنه لا يشرع
الاستلام والتقبيل لمقام إبراهيم الذي ذكره الله تعالى في القرآن وقال: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗى﴾ [البقرة: 125]، فإذا كان هذا بالسنة المتواترة وباتفاق
الأئمة لا يشرع تقبيله بالفم، ولا مسحه باليـد، فغيره من مقامات الأنبياء أولى أن
لا يشرع تقبيلها بالفم، ولا مسحها باليد.
*****
المقصود بمقامات الأنبياء: الأمكنة التي صلّى فيها الأنبياء وتعبّدوا لله فيها، ولم يشرع الله للمسلمين أن يحيوا هذه المقامات، أو أن يتردّدوا عليها، أو أن يحيوها بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إلاّ مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإنَّ الله جل وعلا قال: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗىۖ﴾، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى الآية من خلال فعله؛ حيث إنه لمَّا طاف بالبيت ذهب عند مقام إبراهيم، وجعله بينه وبين الكعبة، وصلّى ركعتين في ذاك المكان، وهُمَا اللَّتان تسمّيان بركعتي الطواف، ولم يثبت عنه أنه تمسَّح بالمقام أو قبَّله، وإنما فعل ما أمره الله عز وجل به بقوله: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗى﴾ فهذا هو المشروع عند المقام، أن نصلِّي عنده ركعتي الطواف، فإذا كان مقام إبراهيم لا يُتَمسَّح به ولا يقبّل، فغيره من مقامات الأنبياء أيضًا لا يُتمسح بها ولا تُقبّل، بل ولا يُصلّى عندها؛ لأن الله لم يأمر بالصلاة عندها، وإنما وحّد مقام إبراهيم، فقال: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗى﴾.
الصفحة 1 / 376