كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى
هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأَْجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ
يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» ([1]).
وإنما اشتغلت قلوب طوائف من الناس بأنواع من العبادات المبتدعة: إما من الأدعية،
وإما من الأشعار، وإما من السماعات ونحو ذلك بإعراضهم عن المشروع أو بعضه - أعني
لإعراضِ من قلوبهم - وإن قاموا بصورة المشروع، وإلاّ فمن أقبل على الصلوات الخمس
بوجهه وقلبه، عاقلاً لما اشتملت عليه من الكلم الطيِّب، والعمل الصالح، مهتمًّا
بها كلَّ الاهتمام، أغنتْهُ عن كلِّ ما يُتوهّم فيه خيرٌ من جنسها.
*****
إنما وقع هؤلاء فيما وقعوا فيه من هذه الخرافات، وهذه الأكاذيب، وهذه الترهات التي شغلوا بها أنفسهم وشغلوا غيرهم عند المقابر والمشاهد؛ لأنهم أعرضوا عمّا جاء به الشرع المطهر من التوجيه إلى دعاء الله، والاستعاذة به والاستغاثة به، وخوفه ورجائه والتعلق به، فهم وقعوا فيما وقعوا فيه؛ لأنهم أخذوا الجانب الآخر المخالف لما جاءت به الرسل، وما عليه سبيل المؤمنين، فهم لـمّا تركوا الحق ابْتُلوا بالباطل، ولما أعرضوا عما جاء به الكتاب والسنة ابتلوا بالبدع والمحدثات، وهـذا شيء معروف: إنَّ من ترك الحق فإنه يُبتلى بالباطل. فالرسل دَعَوْهم إلى الجنـة، والشيطـان ﴿يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6] ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221].
الصفحة 1 / 376