وقوله: «لإعراضهم عن
المشروع، وإن قاموا بصورة المشروع» فهم قاموا به صورة لا حقيقة، فهم يُصلون مع الناس
ويصومون معهم، ويظهرون العبادات، لكن ما في قلوبهم من الاعتقاد في غير الله ودعاء
غيره، والميل إلى المخلوقين، هو الذي يخلّفهم عن اللحاق بالصالحين ويبطل أعمالهم.
وقوله: «وإلاّ فمن أقبل على الصلوات الخمس بوجهه وقلبه، عاقلاً لما اشتملت عليه من الكلم الطيب والعمل الصالح، مهتمًّا بها كل الاهتمام، أغنته عن كل ما يُتوهم فيه خيرٌ من جنسها» فمن أقبل على الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة، وما تشتمل عليه من العبادات القولية والعملية، والقلبية والبدنية، فإنها توجهه إلى كل خير، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ﴾ [العنكبوت: 45]، فلو أنهم أقبلوا على الصلوات الخمس، بقلوبٍ حاضرة، وتأمَّلوا ما فيها من الأسرار العظيمة، لشغلتهم عمّا يخالف الحقَّ. قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (483).
الصفحة 2 / 376
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد