وهذان الأصلان هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس
الإسلام: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وشهادة أنَّ محمدًا رسول الله.
فإنَّ الشهادة لله بأنه لا إله إلاّ هو تتضمن إخلاص
الألوهية له، فلا يجوز أن يتألّه القلبُ غيره، لا بحبٍّ ولا خوفٍ ولا رجاءٍ ولا
إجلالٍ ولا إكبارٍ ولا رغبةٍ ولا رهبةٍ، بل لا بد أن يكون الدين كله لله، كما قال
تعالى: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ
كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ﴾ [الأنفال: 39].
فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغيره، كان في ذلك من
الشرك بحسب ذلك، وكمال الدين كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: «مَنْ
أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ
اسْتَكْمَلَ الإِْيمَانَ» ([1])
فالمؤمنون يحبُّون الله، والمشركون يحبون مع الله، كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ
حُبّٗا لِّلَّهِۗ﴾ [البقرة: 165].
*****
قوله: «وهذان الأصلان هما تحقيق
الشهادتين...» فشهادة أن لا إله إلاّ الله: أن لا يُعْبَد إلاّ الله، وشهادة
أنَّ محمدًا رسول الله: أن لا يُطاع ويُتبع إلاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فهما أساس العبادة: الإخلاص والمتابعة.
قوله: «فإنَّ الشهادة لله بأنه لا إله إلاّ هو...» تتضمن إخلاص المحبة لله، فمن أحب مع الله غيره فقد أشرك، فالذي يحب غير الله محبة عِبادة وذُلٍّ، عبادة معها ذل وخضوع، مشرك، أما الذي يحب شيئًا
الصفحة 1 / 376