وحينئذٍ فيقال: أما نفس التوسُّل والتوجه إلى الله،
وسؤاله بالأعمال الصالحة التي أمر بها، كدعاء الثلاثة الذين آوَوْا إلى الغار
بأعمالهم الصالحة، وبدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم، فهذا مما لا نزاع فيه، بل
هو من الوسيلة التي أمر الله بها في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ
إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35].
وقوله - سبحانه: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ
ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ
عَذَابَهُۥٓۚ﴾ [الإسراء: 57].
*****
ما معنى: ﴿وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ
ٱلۡوَسِيلَةَ﴾؟:
رابعًا: احتجُّوا بقوله
تعالى: ﴿وَٱبۡتَغُوٓاْ
إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ فسَّروها بأنَّ المراد التوسل بالأشخاص وقوله: ﴿يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ
إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾.
والجواب: أنَّ المراد بها:
التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة، فالتوسل هو التقرب إلىه جل وعلا
وذلك يكون بالأعمال الصالحة، وبالـدعاء، والاستغفـار.
فالتوسل المطلوب هو
التقرب إلى الله جل وعلا بالأعمال الصالحة، والوسيلة هي الأعمال التي تقرِّب إلىه
- سبحانه - وهذا قد أمر الله جل وعلا به في هذه الآيات، والنبي صلى الله عليه وسلم
اتخذ إلى ربه وسيلة، وكذا الأنبياء من قبله، وكذلك المؤمنون من أتباعهم يتوسَّلون
إلى الله بالقرب منه بالأعمال الصالحة.
وأما التوسُّل
بالأشخاص أو بأعمال الأشخاص أو بصلاح الآخرين، فهذا ليس مشروعًا، وليس فيه تقرُّب
إلى الله جل وعلا؛ لأن أعمال الناس
الصفحة 1 / 376