×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

فأما المهتدون: فهم لا ينكرون ما خلقه الله من القوى والطبائع في جميع الأجسام والأرواح؛ إذ الجميع خلْق الله، لكنهم يؤمنون بما وراء ذلك من قدرة الله التي هو بها على كل شيء قدير.

ومن أنه كل يوم هو في شأن، ومن أن إجابته لعبده المؤمن خارجة عن قوة نفس العبد وتصرف جسمه وروحه، وبأن الله يخرق العادات لأنبيائه لإظهار صدقهم، ولإكرامهم بذلك، ونحو ذلك من حكمه.

وكذلك يخرقها لأوليائه تارة لتأييد دِينه بذلك، وتارة تعجيلاً لبعض ثوابهم في الدنيا، وتارة إنعامًا عليهم بجلب نعمة أو دفع نقمة، أو لغير ذلك.

ويؤمنون بأنَّ الله يرد بما أمرهم به من الأعمال الصالحة، والدعوات المشروعة ما جعله في قوى الأجسام والأنفس، ولا يلتفتون إلى الأوهام التي دلَّت الأدلة العقلية أو الشرعية على فسادها، ولا يعملون بما حرَّمته الشريعة، وإن ظُنّ أنَّ له تأثيرًا.

*****

  قوله: «فأما المهتدون: فهم لا ينكرون ما خلقه الله من القُوَى...» أي: أنَّ أهل الحق بخلاف الطائفتين: المغضوب عليهم والضالين، من الذين اعتمدوا على الأسباب والذين ألغوها، فالمهتدون يقولون: هناك أسباب خلقها الله وأمر بها، ولكن لا يعتمدون عليها في حصول النتائج، وإنما يعتمدون على الله، فيجمعون بين فعل الأسباب، والتوكل على الله جل وعلا في حصول المطلوب.


الشرح