واعلم أنَّ أهل القبور من الأنبياء والصالحين
والمدفونين يكرهون ما يُفعل عندهم كل الكراهة، كما أنَّ المسيح عليه السلام يكره
ما يفعل النصارى به.
*****
الأنبياء والصالحون لا يرضون بما يُفْعَلُ
عند قبورهم:
غرض الشيخ رحمه الله
من هذا الكلام أن يبين أنَّ الأولياء والأنبياء والصَّالحين والمرسلين يكرهون ما
يفعله المبتدعة والمشركون عند قبورهم؛ لأنهم جاؤوا بالنهي عنه، والتحذير منه في
حياتهم، ويجاهدون أهله، فهم يكرهون أن يُفعل هذا عند قبورهم، وهذا فيه ردٌّ على
هؤلاء المبتدعة الذين يظنون أن الأولياء والصالحين والأنبياء يرضَوْن بذلك، وأنهم
طلبوا منهم أن يفعلوا هذا عند قبورهم بعد موتهم، كما يلفّقون الأكاذيب في ذلك،
ومما يدل على هذا أنَّ المسيح عليه السلام يتبرأ مما يفعله النصارى، ويعتقدونه فيه
أنه ابن الله أو ثالث ثلاثة، أو أنه قال لهم: اعبدوني من دون الله، قال الله
سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذۡ
قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ
أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ
تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ
عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ١١٦ مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ
ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ
ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: 116- 117].
فهذا المسيح عليه السلام يتبرأ يوم القيامة من الذين اعتقدوا فيه أنه ابن الله أو ثالث ثلاثة، أو أنه هو الله، كما هي مقالات النصارى فيه، ولهذا قال جل وعلا: ﴿لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن يَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيَسۡتَكۡبِرۡ فَسَيَحۡشُرُهُمۡ إِلَيۡهِ جَمِيعٗا﴾ [النساء: 172].
الصفحة 1 / 376