فعكوف المؤمنين في المساجد لعبادة الله وحده لا شريك
له، وعكوف المُشركين على ما يرجونه ويخافونه من دون الله، ومن يتخذونهم شركاء
وشفعاء عند الله، فإنَّ المشركين لم يكن أحد منهم يقول: إنَّ العالم له خالقان،
ولا أنَّ الله معه إله يساويه في صفاته، هذا لم يقله أحدٌ من المشركين، بل كانوا
يقرُّون بأنَّ خالق السماوات والأرض واحد.
كما أخبر الله عنهم بقوله: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ
لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ﴾ [لقمان: 25].
وقوله تعالى: ﴿قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٤ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٨٥ قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ
٨٦ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ٨٧ قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٨
سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ﴾ [المؤمنون:
84- 89].
وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلاّ
شريكًا هُوَ لك، تملكه وما ملك، فقال تعالى لهم: ﴿ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن
شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ
كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ﴾ [الروم: 28].
*****
الحاصل: أنَّ التوحيد قسمان: توحيد في المعرفة والإثبات، وتوحيد في العِبادة وفي القصد والطلب، فتوحيد المعرفة والإثبات يسمَّى توحيد الربوبية، وهو الاعتراف بأنَّ الله هو الخالق الرازق المحيي المُميت المدبّر للكون، لا ربَّ سواه، ولا خالق سواه، ولا رازق
الصفحة 1 / 376