×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وكانوا يتخذون آلهتهم وسائط تقربهم إلى الله زُلفى، وتشفع لهم.

*****

سواه سبحانه وتعالى والحاصل: أن توحيد الربوبية هو إفراد الله بأفعاله، كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وغير ذلك.

وأما النوع الثاني، وهو توحيد الألوهية أو توحيد العبادة، أو توحيد القصد والطلب، فهو: إفراد الله بأفعال العباد التي يفعلونها تقرُّبًا إليه سبحانه وتعالى مثل الصلاة والصيام والحجِّ والزكاة، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي يفعلها العبد، وهي مما شرعه الله له، فهذا توحيد الألوهية.

والمشركون قاطبة من أولهم إلى آخرهم يقرّون بالنوع الأول، وهو توحيد الربوبية، فهم لا يعتقدون أنَّ أحدًا يخلق مع الله، أو يرزق مع الله، أو يدبّر مع الله، بل كانوا معترفين بذلك، كما ذكر ذلك الله عنهم في القرآن في آيات كثيرةٍ، ولكنهم يشركون في توحيد الألوهية، فيعبدون ويدعون مع الله غيره، ويعتكفون ويذبحون لغيره، وغير ذلك من أنواع العبادات التي يصرفونها لغير الله، فهم يشركون في الألوهية ويوحِّدون في الربوبية.

لو قيل: ما دام أنهم لم يشركوا في توحيد الربوبية، فماذا يقصدون بكونهم يذبحون لغير الله، وينذرون لغير الله، ويستغيثون بغير الله، وما أشبه ذلك؟ ما قصدهم؟ قيل: قصدهم أن يجعلوا هذه الأشياء وسائط بينهم وبين الله ليشفعوا لهم عند الله، قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ[يونس: 18]، هذا قصدهم.


الشرح