ولم يفرِّقوا بين مشيئته الشاملة لجميع المخلوقات،
وبين محبته ورضاه المختص بالطاعات، وبين كلماته الكونيات التي لا يجاوزهـا برٌّ
ولا فاجـر، لشمول القدرة لكل مخلوق، وكلماته الدينيـات التي اختصَّ بموافقتهـا
أنبياؤه وأولياؤه.
فالعبد مع شهوده الربوبية العامة الشاملة للمؤمن
والكافر والبر والفاجر، عليه أن يشهد ألوهيتـه التي اختص بها عباده المؤمنين الذين
عبدوه وأطاعوا أمره واتبعوا رسله، قال تعالى: ﴿أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ
كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ﴾ [ص: 28].
وقال تعالى: ﴿أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّئَِّاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ
كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ
وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ﴾ [الجاثية: 21].
وقال تعالى: ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ﴾ [القلم: 35-
36].
ومن لم يفرّق بين أولياء الله وأعدائه، وبين ما أمر به
وأوجبه من الإيمان والأعمال الصَّالحة، وما كرهـه ونهى عنه وأبغضه من الكُفـر
والفسوق والعصيان، مع شمول قدرته ومشيئته وخلقه لكل شيء، وإلاّ وقع في دين
المشركين الذين قالوا: ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ
أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ﴾ [الأنعام: 148]. والقدر يؤمن به ولا يُحتجُّ به
*****
قوله: «ولم يفرِّقُوا بين مشيئته...»
ولذلك يقول أحدهم: إذا خالفتُ أمره فقد وافقتُ قَدَره، فهم يعتبرون أنهم موحِّدون؛
لأنهم وافقوا القدر، هذا هو التوحيد عندهم. وهذه هي الطاعة عندهم.