للإجابة: فهذا شرع دين لم يأذن به الله عز وجل
فإن الله لم يشرع اتخاذ القبور للدعاء، أو للصلاة عندها، أو للتبرك بها؛ لأن هذه
الأمور وسيلة من وسائل الشرك. ولهذا كره السلف زيارة القبور لأجل هذا الغرض. وإنما
تُشرع زيارتها للاعتبار بأحوالِ الموتى «فإنها تذكِّرُ بالآخرة» وللسلام على
الموتى وللدعاء لهم بالمغفرة والرحمة؛ لأنهم بحاجة إلى ذلك لانقطاعِ أعمالهم.
والدليل على تحريم
الدعاء عند القبور لغير الأموات: أنه قد أنكر علي بن الحسين والحسن بن الحسن بن
علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أنكرا على الرجل الذي يأتي إلى فُرجة في حجرة
النبي صلى الله عليه وسلم، فيقف عندها، فلما رأوه يكرر ذلك، دعاه كل واحد منهما
على حدة، قالا له: لِمَ تفعل هذا؟ قال: إنما آتي لأصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم. فقالا له: لا تفعل، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلُّوا عَلَيَّ
حَيْثُ كُنْتُمْ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي» ([1])، ثم قال له الحسن
بن الحسن: ما أنت ومن بالأندلس إلاّ سواء. مع أنَّ هذين الرجلين من سلالة ذرية
النبي صلى الله عليه وسلم، من سلالة الحسن والحسين ابني فاطمة رضي الله عنها،
فجاءت هذه السُّنّة عن قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل عن أقرب الناس إليه
نسبًا ومكانًا، وهما قد أنكرا على مَن يتردد على القبر، وفي هذا ردٌّ على من
يُغالون في أهل البيت كالرافضة وغيرهم.
وكما سبق عن أحمد رحمه الله أنه يقول: من سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأراد أن يدعو، فإنَّ هذا شيء زائد عن السلام وعن الزيارة، فلينصرف،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804).