يتحرّى الصلاة - يعني: يقصد الصلاة - في هذا
المكان، فكان يصلي عنده اقتداءً به، وهذا تقرير للأصل الذي مرّ، وهو أنَّ المكان
الذي قصد النبي صلى الله عليه وسلم العبادة فيه من الأمكنة أو الأزمنة فإنه يقتدى
به فيه، وأما ما فعله فيها ولم يقصد الصلاة فيه أو الدعاء عنده، فهذا لا يُشرع
إحياؤه من بعده وجعله مكانًا للعبادة.
ففرْقٌ بين الأماكن
التي صلّى بها النبي صلى الله عليه وسلم قصدًا، وما صلّى فيه اتفاقًا.
وهناك مَن ظنَّ أنه لا فرق بين الحالتين وأنه يشرع أن تقصد الأماكن التي صلَّى فيها النبي صلى الله عليه وسلم مطلقًا، من غير فرق بين ما قصد الصلاة عنده وبين ما فعله اتفاقًا، وكان هذا خلطًا يجب بيانه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرّى - كما روى سلمة - الصلاة في هذا المكان، يعني يقصد الصلاة في هذا المكان، بخلاف المكان الذي لم يقصد الصلاة فيه، وإنما فعلها فيه اتفاقًا من غير قصد، فالأول مشروع الاقتداء به فيه، وهذا غير مشروع الاقتداء به.
الصفحة 2 / 376
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد