×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

ولو ساغ هذا لاستُحب قصد جبل حراء، والصلاة فيه، وقصد جبل ثور، والصلاة فيه، وقصد الأماكن التي يقال: إنَّ الأنبياء أقاموا فيها، كالمقامين اللذين بطريق جبل قاسيون بدمشق، اللـذين يقال: إنهما مقام إبراهيم وعيسى، والمقام الذي يقال: إنه مغارة دم قابيل، وأمثال ذلك من البقاع التي بالحجاز والشام وغيرهما.

ثم ذلك يفضي إلى ما أفضت إليه مفاسد القبور، فإنه يقال: إن هذا مقام نبي، أو قبر نبي، أو ولي، بخبر لا يُعرف قائله، أو بمنام لا تُعرف حقيقته، ثم يترتب على ذلك اتخاذه مسجدًا، فيصير وثنًا يعبد من دون الله تعالى، شرك مبني على إفك. والله - سبحانه - يقرن في كتابه بين الشِّرك والكذب، كما يقرن بين الصِّدق والإخلاص. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الإِْشْرَاكَ بِاللَّهِ» ثلاثًا ([1]). وقال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ ٣٠ حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ [الحج: 30- 31].

وقال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ [القصص: 74].

﴿وَنَزَعۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا فَقُلۡنَا هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ [القصص: 75].


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (3599)، وابن ماجه رقم (2372)، وأحمد رقم (18898).