×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة بقوله في الحديث الصحيح: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ([1]) ولم يقل: مشهدًا.

وقال أيضًا في الحديث: «صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَسُوقِهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلاَةً» ([2]).

وقال أيضًا في الحديث الصحيح: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الطُّهُورَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ: كَانَتْ خُطوَاتِه إِحْدَاها تَرْفَعُ دَرَجَةً، وَالأُْخْرَى تَحُطُّ خَطِيئَةً، فَإِذَا جَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ فَالْعَبْدُ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ، وَالْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ» ([3]).

وهذا مما عُلم بالتواتر والضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه أمر بعمارة المساجد والصلاة فيها، ولم يأمرنا ببناء مشهد لا على قبر نبي، ولا على غير قبر نبي، ولا على مقام نبي، ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم في بلاد الإسلام - لا الحجاز ولا الشام، ولا اليمن ولا العراق، ولا خراسان، ولا مصر، ولا المغرب - مسجد مبني على قبر، ولا مشهد يُقصد للزيارة أصلاً، ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي أو غير نبي لأجل الدعاء عنده. ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر


الشرح

([1] أخرجه: ابن ماجه رقم (1413)، والطبراني في الأوسط رقم (7008).

([2] أخرجه: مسلم رقم (666)، وأحمد رقم (7430).

([3] أخرجه: أحمد رقم (11123).