×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

والغرض بأن يعرف أنَّ الشيطان إذا زَيَّن لهم نسبة الأثر إلى ما لا يؤثر نوعًا ولا وصفًا، فنسبته إلى وصف قد ثبت تأثير نوعه أولى أن يزينه لهم.

ثم كما لم يكن ذلك الاعتقاد منهم صحيحًا، فكذلك هذا؛ إذ كلاهما مخالف للشرع، ومما يوضح ذلك: أن اعتقاد المعتقِد أنَّ هذا الـدعاء أو هذا النذر هو السبب، أو بعض السبب في حصول المطلوب، لا بد له من دلالة، ولا دليـل على ذلك في الغالب إلاّ الاقتران أحيانًا، أعني وجودهما جميعًا، وإن تراخى أحدهما عن الآخر مكانًا أو زمانًا، مع الانتقاض أضعاف أضعاف الاقتران.

ومجرد اقتران الشيء بالشيء بعض الأوقات مع انتقاضه، ليس دليلاً على الغلبة باتفاق العقلاء، إذا كان هنالك سبب آخر صالح؛ إذ تخلُّفُ الأثر عنه يدل على عدم الغلبة، فإن قيل: إنَّ التخلف لفوات شرط، أو لوجود مانع، قيل: بل الاقتران لوجود سبب آخر، وهذا هو الراجح.

فإننا نرى الله في كلِّ وقت يقضي الحاجات، ويفرِّج الكربات بأنواع من الأسباب لا يحصيها إلاّ هو، وما رأيناه يحدث المطلوب مع وجود هذا الدعاء المبتدع إلاّ نادرًا، فإذا رأيناه قد أحدث شيئًا، وكان الدعاء المبتدع قد وُجد، كان إحالة حدوث الحادث على ما عُلم من الأسباب التي لا يُحصيها إلاّ الله أولى من إحالته على ما لم يثبت كونه سببًا.

*****

 قوله: «والغرض بأن يعرف أن الشيطان إذا زيَّن لهم نسبة الأثر...» أي: أنَّ القوم يعتمدون على الأسباب، ويظنون أنها هي


الشرح