وأما ما ذُكر في المناسك أنه بعد تحية النبي صلى الله
عليه وسلم وصاحبيه والصلاة والسلام يدعو، فقد ذكر الإمام أحمد وغيره أنه يستقبل
القبلة، ويجعل الحجرة عن يساره، لئلا يستدبره، وذلك بعد تحيته والسلام، ثم يدعو
لنفسه.
وذكر أنه إذا حيّاه وصلّى عليه يستقبله بوجهه - بأبي
هو وأمي صلى الله عليه وسلم -.
فإذا أراد الدعاء جعل الحُجرة عن يساره، واستقبل
القبلة ودعا.
وهذا مراعاة منهم لذلك، فإنَّ الدعاء عند القبر لا
يكره مطلقًا، بل يؤمر به، للميت كما جاءت به السنة فيما تقدم ضمنًا وتبعًا، وإنما
المكروه أن يتحرَّى المجيء إلى القبر للدعاء عنده.
*****
قوله: «وأما ما ذُكر في المناسك أنه بعد
تحية...» يعني: ما ذكره بعض من ألَّف في مناسك الحج والعمرة، وزيارة مسجد
الرسول صلى الله عليه وسلم من أنَّ الزائر يأتي ويسلم على النبي صلى الله عليه
وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويدعو، وليس مقصودهم أن يدعو
مستقبِلاً للحجرة، بل يتنحّ عن مواجهة الحجرة ويجعلها عن يساره، ويتوجه إلى
القبلة، فيدعو الله عز وجل بما أراد؛ لأنَّ المسجد النبوي مكان مبارك، والدعاء فيه
أفضل من الدعاء في غيره، ما عدا المسجد الحرام، فيكون عن يسار الحجرة لئلا يستدبر
النبي صلى الله عليه وسلم تأدُّبًا معه صلى الله عليه وسلم، كما بيَّنه الإمام
أحمد رحمه الله.
قوله: «وذكر أنه إذا
حيَّاه وصلّى عليه يستقبله بوجهه...» أي: أما عند السلام على
النبي صلى الله عليه وسلم فيستقبلُهُ بوجهه حال السلام كغيره من القبور حينما يسلم
عليها.
الصفحة 1 / 376