×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وكذلك ذكر أصحاب مالك، قالوا: يدنو من القبر، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو مستقبل القبلة، يوليه ظهره، وقيل: لا يوليه ظهره، وإنما اختلفوا لما فيه من استدباره.

فأما إذا جعل الحجرة عن يساره، فقد زال المحذور بلا خلاف، وصار في الروضة أو أمامها.

ولعلَّ هذا الذي ذكره الأئمة أخذوه من كراهة الصلاة إلى القبر، فإن ذلك قد ثبت النهي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم.

فلما نهى أن يُتَّخَذ القبر مسجدًا أو قبلة، أمروا بأن لا يتحرى الدعاء إليه كما لا يصلي إليه.

قال مالك في «المبسوط»: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، لكن يسلِّم ويمضي.

ولهذا - والله أعلم - حُرِّفت الحجرة وثُلِّثت لمَّا بُنِيَتْ، فلم يُجعل حائطها الشمالي على سمت القبلة، ولا جُعل جدارهـا مربعًا.

*****

  قوله: «وكذلك ذكر أصحـاب مالك قالـوا: يدنو من القبر، فيسلم...» يعني: أنَّ أصحاب مالك وافقوا الجمهور في أن يدعو الزائر لنفسه بعد الفراغ مـن السلام على النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، لكن الجمهور قالوا: إنَّ الزائر يجعل الحجرة عن يساره، وأصحاب مالك يقولون: يستدبر القبر، ويستقبل القبلة، فعند الجميع أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء، وإنما يستقبل القبلة، وإنما اختلفوا في المكان فقط. هل هو في موقف السلام أو يتنحَّى عنه.


الشرح