وأيضًا فإن ذلك بدعة، فقد كان المهاجرون والأنصار على
عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم يجيئون إلى المسجد كل يوم خمس مرات
يصلون، ولم يكونوا يأتون مع ذلك إلى القبر يسلمون عليه، لعلمهم رضي الله عنهم بما
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرهه من ذلك، وما نهاهم عنه، وأنهم يسلّمون عليه
حين دخول المسجد والخروج منـه وفي التشهد، كما كانوا يسلمون عليـه في حياته.
والمأثور عن ابن عمر يدل على ذلك.
قال سعيد في «سننه»: حدثنا عبد الرحمن بن زيد، حدثنا
أبي، عن ابن عمر: أنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فصلَّى
وسلم عليه، وقال: السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه.
وعبد الرحمن بن زيد، وإن كان يضعَّف، لكن الحديث
المتقدم عن نافع الصحيح يدل على أنَّ ابن عمر ما كان يفعل ذلك دائمًا ولا غالبًا.
وما أحسن ما قال مالك: لن يُصْلِحَ آخر هذه الأمة إلاّ
ما أَصْلَحَ أولها.
ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم، ونقص
إيمانهم، عوَّضُوا ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك وغيره.
ولهذا كره الأئمة استلام القبر وتقبيله، وبنوه بناءً
منعوا الناس أن يَصِلُوا إليه.
وكانت حُجرة عائشة التي دفنوه فيها منفصلة عن مسجده، وكان ما بين منبره وبيته هو الروضة، ومضى الأمر على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وزيد في المسجد زيادات وغُيِّر،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد